حال السلف الصالح في رمضان
أولاً: الأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد (2/32) : فصل : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة،والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور ، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة).
ثانياً : حال السلف مع القرآن
* عن مسبح بن سعيد قال : كان محمد بن إسماعيل البخاري ، إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن .
وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول : عند كل الختم ؛ دعوة مستجابة . (تاريخ بغداد 2 / 12 صفة الصفوة 4/170).
* عن ذي الرياستين قال : إن المأمون ختم في شهر رمضان ثلاثاً وثلاثين ختمةً ، أما سمعتم في صوته بحوحة؟ إن محمد بن أبي محمد اليزيدي في أذنه صمم ، فكان يرفع صوته ليسمع ، وكان يأخذ عليه . (تاريخ بغداد 10 / 190) .
* عن عبد الله بن محمد بن اللبان أنه صلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر ، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائماً في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجر دارس أصحابه ، وسمعته يقول : لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعاً من القرآن يقرأه بترتيل وتمهل ولم أرى أجود ولا أحسن قراءة منه . (تاريخ بغداد 10 / 144) .
* عن محمد بن زهير بن محمد قال : كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في وقت شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان (تاريخ بغداد 8 / 485 )
* عن أبي علي الطوماوي قال : كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح ، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه, وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش ، فوقف بباب مسجد محمد بن جرير ومحمد يقرأ سورة الرحمن ، فاستمع قراءته طويلاً ثم انصرف. فقلت له: يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا؟ فقال: يا أبا علي دع هذا عنك ، ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا ً يحسن يقرأ هذه القراءة . (تاريخ بغداد 2 / 164) .
* عن الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة ,فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منه , وفي كل يوم ختمة , فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة. (تاريخ بغداد 2 / 63) .
* وعن أبي بكر بن أبي طاهر قال: كان للشافعي في رمضان ستون ختمة لا يحسب منها ما يقرأ في الصلاة. [صفة الصفوة 2/255]
* عن أحمد بن خالد قال : قيل لأبي بكر بن عياش : كيف قراءتك بالترتيل؟ فقال : كيف أقدر أرتل ، وأنا أقرأ القرآن في كل يوم وليلة منذ أربعين سنة ! (تاريخ بغداد 14 / 383 )
* عن ابن سعد قال: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله. [صفة الصفوة 2/146-147]
* عن منصور بن إبراهيم قال : كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال. [صفة الصفوة 3/23]
* أبو الأشهب قال : كان أبو رجاء يختم بنا في رمضان كل عشرة أيام. [صفة الصفوة 3/221] .
* سلام بن أبي مطيع عن قتادة أنه كان يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة. [صفة الصفوة 3/259]
ثالثاً : حال السلف مع الصدقات
* كان محمد بن عبد الله الأسدي يصوم الدهر, وكان إذا تسحر برغيف لم يصدع , فإذا تسحر بنصف رغيف صدع من نصف النهار إلى آخره , فإن لم يتسحر صدع يومه أجمع . (تاريخ بغداد 5 / 404 ) .
* صام داود الطائي أربعين سنة ما علم به أهله , وكان خرازاً , وكان يحمل غداءه معه , ويتصدق به في الطريق , ويرجع إلى أهله يفطر عشاء لا يعلمون أنه صائم . (تاريخ بغداد 8 / 350) .
* كان أحمد بن سلمان النجاد يصوم الدهر , ويفطر كل ليلة على رغيف, ويترك منه لقمة , فإذا كان ليلة الجمعة تصدق بذلك الرغيف, وأكل تلك اللقم التي استفضلها. (تاريخ بغداد 4 / 191)
* كان محمد بن جعفر شجاعاً عاقلاً فاضلاً ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وكانت زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسين تقول : ما خرج من عندنا في ثوب قط فرجع حتى يكسوه . (تاريخ بغداد 2 / 113) .
* عن الحسن بن علي الوشاء قال : كنت عند معروف , وكان قد أعد لإفطاره رغيفاً وجزرة كبيرة . قال : فجاء سائل , فسأله . قال : فطوى الرغيف بابتين فأعطى السائل نصفه , وأكل هو النصف الآخر, والجزرة . قال : وجاء سائل , فسأل فلم يعطه شيئاً . فقال لـه : ادع بكذا وكذا دعاء علمه إياه , فإنه ما دعا به أحد إلا رزق . قال : فدعا به السائل , فجاءه انسان فأعطاه شيئاً. (تاريخ بغداد 13 / 203) .
* عن ابن سعد قال: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله. (صفة الصفوة 2/146-147) .
رابعاً : حال السلف مع القيام
* كان محمد بن إسماعيل البخاري، إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن .
وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول : عند كل الختم ؛ دعوة مستجابة . (تاريخ بغداد 2 / 12) .
* عن عبد الله بن محمد بن اللبان أنه صلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر ، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائماً في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجر دارس أصحابه، وسمعته يقول : لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعاً من القرآن يقرأه بترتيل وتمهل ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه . (تاريخ بغداد 10 / 144) .
* عن زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب : إن عبد الله بن مسعود يقول : من يقم الشهر يدرك ليلة القدر فقال : إنه ليعلم أنها ليلة سبع وعشرين . (تاريخ بغداد 4 / 218) .
* أبو الأشهب قال: كان أبو رجاء يختم بنا في رمضان كل عشرة أيام. [صفة الصفوة 3/221] .
* عن هشام قال: كان ابن سيرين يحيى الليل في رمضان. [صفة الصفوة 3/247] .
خامساً: حال السلف مع النفس وسياستها
* عن أبي عبد الرحمن سفيان بن وكيع بن الجراح قال : حدثني أبي قال : كان أبي وكيع يصوم الدهر, فكان يبكر, فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار , ثم ينصرف , فيقيل إلى وقت صلاة الظهر, ثم يخرج , فيصلي الظهر, ويقصد طريق المشرعة التي كان يصعد منها أصحاب الروايا, فيريحون نواضحهم, فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض إلى حدود العصر, ثم يرجع إلى مسجده , فيصلي العصر, ثم يجلس فيدرس القرآن , ويذكر الله إلى آخر النهار , ثم يدخل إلى منزله فيقدم إليه إفطاره, وكان يفطر على نحو عشرة أرطال من الطعام, ثم يقدم لـه قربة فيها نحو من عشرة أرطال نبيذ فيشرب منها ماطاب لـه على طعامه , ثم يجعلها بين يديه, ويقوم فيصلي ورده من الليل , وكلما صلى ركعتين أو أكثر من شفع أو وتر شرب منها حتى ينفذها , ثم ينام . (تاريخ بغداد 13 / 471) .
* عن أبي الفرج محمد بن عمران الخلال قال : كان ورد القاضي أبي بكر محمد بن الطيب في كل ليلة عشرين ترويحة ، ما يتركها في حضر ولا سفر ، قال : وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى ورده، وضع الدواة بين يديه وكتب خمساً وثلاثين ورقة تصنيفاً من حفظه، وكان يذكر أن كتبه بالمداد أسهل عليه من الكتب بالحبر ،فإذا صلى الفجر دفع إلى بعض أصحابه ما صنفه في ليلته ، وأمره بقراءته عليه وأملى عليه الزيادات فيه. (تاريخ بغداد 5/ 380) .
* عن عبد الجبار بن النضر السلمى قال: مر حسان بن أبى سنان بغرفة فقال: متى بنيت هذه؟ ثم أقبل على نفسه فقال: تسألين عما لا يعنيك لأعاقبنك بصوم سنة فصامها. [ صفة الصفوة 3/339]
* عن أحمد بن عبد الله بن خالد قال: سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي قال: أفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين إن جاءتني بهما أمي أو أختي اختلفا جائعا عطشان إلى الليلة الثانية. وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف في اليوم والليلة، إن جاءتني امرأتي أو إحدى بناتي به أكلته جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى. والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كانت برنيا. أو نيفا وعشرين إن كان دقلا . ومرضت ابنتي فمضت امرأتي فأقامت عندها شهرا فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف، دخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقام نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف. [صفة الصفوة 2/405-406] .
* عن الحسن قال : كان عامر بن عبد قيس إذا صلى الصبح تنحى في ناحية المسجد فقال: من أقرئه؟ قال: فيأتيه قوم فيقرئهم حتى إذا طلعت الشمس وأمكنته الصلاة قام يصلى إلى أن ينتصف النهار، ثم يرجع إلى منزله فيقيل ثم يرجع إلى المسجد إذا زالت الشمس فيصلى حتى يصلى الظهر، ثم يصلى إلى العصر فإذا صلى العصر تنحى في ناحية المسجد، ثم يقول: من أقرئه ؟ قال: فيأتيه قوم فيقرئهم حتى إذا غربت الشمس صلى المغرب ثم يصلى حتى يصلى العشاء الآخرة ، ثم يرجع إلى منزله فيتناول أحد رغيفيه فيأكل، ثم يهجع هجعة خفيفة، ثم يقوم فإذا أسحر الراوي رغيفه الآخر فأكله ثم شرب عليه شربة من ماء، ثم يخرج إلى المسجد. [صفة الصفوة 3/209-210] .
سادساً : حال السلف مع دروس العلم
* عن أبي العباس بن عطاء أنه كان لـه في كل يوم ختمة ، وفي شهر رمضان كل يوم وليلة ثلاث ختمات ، وبقي في ختمة يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة ليستروح إلى معاني مودعها ، فمات قبل أن يختمها . (تاريخ بغداد 5 / 27 صفة الصفوة 2/444-445)
* عن عبد الله بن محمد بن اللبان أنه صلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر ، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائماً في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجر دارس أصحابه، وسمعته يقول : لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعاً من القرآن يقرأه بترتيل وتمهل ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه . (تاريخ بغداد 10 / 144) .
* عن أبي الفرج محمد بن عمران الخلال قال : كان ورد القاضي أبي بكر محمد بن الطيب في كل ليلة عشرين ترويحة ، ما يتركها في حضر ولا سفر ، قال : وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى ورده، وضع الدواة بين يديه وكتب خمساً وثلاثين ورقة تصنيفاً من حفظه ، وكان يذكر أن كتبه بالمداد أسهل عليه من الكتب بالحبر ،فإذا صلى الفجر دفع إلى بعض أصحابه ماصنفه في ليلته ، وأمره بقراءته عليه وأملى عليه الزيادات فيه . (تاريخ بغداد 5 / 380) .
سابعاً: حال السلف مع أسرهم
* عن محمد بن زهير بن محمد قال: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في وقت شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان (تاريخ بغداد 8/485 ، صفة الصفوة 2/400) .
ثامناً : حال السلف مع الاعتكاف
* عن عطاء قال : المعتكف كأنه محرم بين يدي الرحمن تعالى، يقول لا أبرح حتى تغفر لي . (تاريخ بغداد 5 / 175) .
م/ن